الخميس، 14 يناير 2021

الخان / قال تعالى﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ﴾[الدخان: 10 - 13].

الدخان الكوني

من علامات الساعة
الدخان الذي يكون في آخر الزمان
مم يتكون الدخان،

مادة الدخان:  الدخان الكوني غير الدخان المعروف وشتان بينهما فالدخان الكوني سينتج من انفجار هائل من  نجم في السماء يغطي الكواكب القريبة منه بدخنه حتي تمتلأ الاجواء بمادته ومنها الكرة الارضية وليس بصحيح انه دخان التبغ والسجائر لكنه غبار اراد الله ان يجمع صفات الغبار والدخان في مسمي واحد وهو كل ما يتأتي من انفجارات النجوم التي تحدث لكن الله تعالي ان انفجار نجم قريب من الارض سيكون مصدرا للدخان ومعه ما نتج من الانفجار الهائل لهذا النجم 

 قصص لا تصدق: الدخان الكوني Cosmic smoke

 -----------

  
 
 
-----------------


---------------


قال تعالى﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ﴾[الدخان: 10 - 13]. 



قال الحاقظ تفسير ابن كثير

وقد ذكرنا الأحاديث (1) الواردة في ذلك في "سورة البقرة" بما أغنى عن إعادته.
ومن قال: إنها ليلة النصف من شعبان -كما روي عن عكرمة-فقد أبعد النَّجْعَة فإن نص القرآن أنها في رمضان. والحديث الذي رواه عبد الله بن صالح، عن الليث، عن عقيل عن الزهري: أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان، حتى إن الرجل لينكح ويولد له، وقد أخرج اسمه في الموتى" (2) فهو حديث مرسل، ومثله لا يعارض به النصوص.
وقوله: { إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ } أي: معلمين الناس ما ينفعهم ويضرهم شرعًا، لتقوم حجة الله على عباده.
وقوله: { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } أي: في ليلة القدر يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة، وما يكون فيها من الآجال والأرزاق، وما يكون فيها إلى آخرها. وهكذا روي عن ابن عمر، وأبي مالك، ومجاهد، والضحاك، وغير واحد من السلف.
وقوله: { حكيم } أي: محكم لا يبدل ولا يغير؛ ولهذا قال: { أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا } أي: جميع ما يكون ويقدره الله تعالى وما يوحيه (3) فبأمره وإذنه وعلمه، { إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } أي: إلى الناس رسولا يتلو عليهم آيات الله مبينات، فإن الحاجة كانت ماسة إليه؛ ولهذا قال: { رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } أي: الذي أنزل هذا القرآن هو رب السموات والأرض وخالقهما ومالكهما وما فيهما، { إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ } أي: إن كنتم متحققين.
ثم قال: { لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ } وهذه الآية كقوله تعالى: { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ [فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ] } (4) الآية [ الأعراف: 158 ] .
{ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9) فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16) }
يقول تعالى: بل هؤلاء المشركون في شك يلعبون، أي: قد جاءهم اليقين (5) ، وهم يشكون فيه، ويمترون ولا يصدقون به، ثم قال متوعدا لهم ومتهددًا: { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } .
قال سليمان بن مِهْرَان الأعمش، عن أبي الضُّحَى مسلم بن صُبَيْح (6) ، عن مسروق قال: دخلنا
__________
(1) في ت: "ألآثار".
(2) رواه الطبراني في تفسيره (25/65) والبيهقي في شعب الإيمان برقم (3839) من طريق الليث عن عقيل به.
(3) في أ: "يوجبه".
(4) زيادة من ت، أ.
(5) في ت: "المبين".
(6) في ت: "روى البخاري ومسلم في صحيحيهما".

(7/246)


المسجد -يعني مسجد الكوفة-عند أبواب كندة، فإذا رجل يقص على أصحابه: { يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } تدرون ما ذلك الدخان؟ ذلك دخان يأتي يوم القيامة، فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، ويأخذ المؤمنين منه شبه الزكام. قال: فأتينا ابن مسعود فذكرنا ذلك له، وكان مضطجعًا ففزع فقعد، وقال (1) إن الله عز وجل قال لنبيكم صلى الله عليه وسلم: { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ } [ ص: 86 ]، إن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: "الله أعلم" سأحدثكم عن ذلك، إن قريشا لما أبطأت عن الإسلام واستعصت (2) على رسول الله صلى الله عليه وسلم، دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم من الجهد والجوع حتى أكلوا العظام والميتة، وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان -وفي رواية: فجعل الرجل ينظر إلى السماء، فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد-[قال] (3) قال الله تعالى: { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله استسق الله لمضر، فإنها قد هلكت. فاستسقى لهم فَسُقُوا فأنزل الله: { إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ } قال: ابن مسعود: فيكشف العذاب عنهم يوم القيامة، فلما أصابهم الرفاهية عادوا إلى حالهم، فأنزل الله: { يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ } ، قال: يعني يوم بدر.
قال ابن مسعود: فقد مضى خمسة: الدخان، والروم، والقمر، والبطشة، واللِّزام. وهذا الحديث مخرج في الصحيحين. (4) ورواه الإمام أحمد في مسنده، وهو عند الترمذي والنسائي في تفسيرهما (5) ، وعند ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق متعددة، عن الأعمش، به (6) وقد وافق ابن مسعود على تفسير الآية بهذا، وأن الدخان مضى، جماعة من السلف كمجاهد، وأبي العالية، وإبراهيم النخعي، والضحاك، وعطية العوفي، وهو اختيار ابن جرير.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا جعفر بن مسافر، حدثنا يحيى بن حسان، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا (7) عبد الرحمن الأعرج في قوله: { يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } قال: كان يوم فتح مكة.
وهذا القول غريب جدًا بل منكر.
وقال آخرون: لم يمض الدخان بعد، بل هو من أمارات (8) الساعة، كما تقدم من حديث أبي سَرِيحة (9) حذيفة بن أسيد الغفاري، رضي الله عنه، قال: أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ونحن نتذاكر الساعة، فقال: "لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى ابن مريم، والدجال، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس
__________
(1) في ت، م: "فقال".
(2) في أ: "واستصعبت".
(3) زيادة من أ.
(4) صحيح البخاري برقم (4820) وصحيح مسلم برقم (2798).
(5) في م: "تفسيريهما".
(6) المسند (1/380، 431) وسنن الترمذي برقم (3254) والنسائي في السنن الكبرى برقم (11481) وتفسير الطبري (25/66)
(7) في ت: "وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن".
(8) في ت: "آيات".
(9) في ت: "أبي سريحة في".

(7/247)


-أو: تحشر الناس-: تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا" تفرد بإخراجه مسلم في صحيحه (1) .
وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن الصياد: "إني خبأت لك خَبْأ" قال: هو الدُّخ. فقال له: "اخسأ فلن تعدو قدرك" قال: وخبأ له رسول الله صلى الله عليه وسلم: { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } (2) .
وهذا فيه إشعار بأنه من المنتظر المرتقب، وابن صياد كاشف على طريقة الكهان بلسان الجان، وهم يُقَرطمون العبارة؛ ولهذا قال: "هو الدُّخ" يعني: الدخان. فعندها عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم مادته وأنها شيطانية، فقال له: "اخسأ فلن تعدو قدرك".
ثم قال ابن جرير: وحدثني عصام بن رَوَّاد بن الجراح، حدثنا أبي، حدثنا سفيان بن سعيد الثوري، حدثنا منصور بن المعتمر، عن رِبْعِي بن حِرَاش قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول (3) : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول الآيات الدجال، ونزول عيسى ابن مريم، ونار تخرج من قعر عدن أبين، تسوق الناس إلى المحشر، تقيل معهم إذا قالوا، والدخان-قال حذيفة: يا رسول الله، وما الدخان؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } -يملأ ما بين المشرق والمغرب، يمكث أربعين يومًا وليلة، أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة (4) ، وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران، يخرج من منخريه وأذنيه ودبره" (5) .
قال ابن جرير: لو صح هذا الحديث لكان فاصلا وإنما لم أشهد له بالصحة؛ لأن محمد بن خلف العسقلاني حدثني أنه سأل روادا عن هذا الحديث: هل سمعه من سفيان؟ فقال له: لا قال: فقلت: أقرأته عليه؟ قال: لا قال: فقلت له: فقرئ عليه وأنت حاضر فأقر به؟ فقال: لا فقلت له: فمن أين جئت به؟ فقال: جاءني به قوم فعرضوه علي، وقالوا لي: اسمعه منا. فقرءوه عليَّ ثم ذهبوا به، فحدثوا به عني، أو كما قال (6) .
وقد أجاد ابن جرير في هذا الحديث هاهنا، فإنه موضوع بهذا السند، وقد أكثر ابن جرير من سياقه في أماكن من هذا التفسير، وفيه منكرات كثيرة جدًا، ولا سيما في أول سورة "بني إسرائيل" في ذكر المسجد الأقصى، والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا صفوان، حدثنا الوليد، حدثنا خليل، عن الحسن، عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يهيج الدخان بالناس، فأما المؤمن فيأخذه كالزكمة، وأما الكافر فينفخه حتى يخرج من كل مسمع منه".
__________
(1) صحيح مسلم برقم (2901).
(2) صحيح البخاري برقم (3055) وصحيح مسلم برقم (2930) من حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما.
(3) في ت: "وروى ابن أبي حاتم عن حذيفة قال".
(4) في ت، م: "الزكام".
(5) تفسير الطبري (25/68) ومن طريقه رواه الثعلبي في تفسيره كما في تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (1174) والبغوي في معالم التنزيل (7/230).
(6) تفسير الطبري (25/68).

(7/248)


ورواه سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي سعيد الخدري موقوفًا. ورواه عوف، عن الحسن قوله.
وقال ابن جرير أيضًا: حدثني محمد بن عوف، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش، حدثني أبي، حدثني ضَمْضَم بن زُرعَة، عن شُريح بن عبيد، عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم أنذركم ثلاثا: الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه والثانية الدابة والثالثة الدجال".
ورواه الطبراني عن هاشم بن يزيد، عن محمد بن إسماعيل بن عياش، به (1) وهذا
إسناد جيد.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن صالح بن مسلم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، رضي الله عنه، قال: لم تمض آية الدخان بعد، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام، وتنفخ الكافر حتى ينفذ.
وروى ابن جرير من حديث الوليد بن جميع، عن عبد الملك بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن البيلماني، عن ابن عمر قال: يخرج الدخان فيأخذ المؤمن كهيئة الزكام، ويدخل في مسامع الكافر والمنافق حتى يكون كالرأس الحنيذ، أي: المشوي على الرَّضف.
ثم قال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن عُلَيَّة عن ابن جريج (2) ، عن عبد الله بن أبي مليكة قال: غدوت على ابن عباس، رضي الله عنهما، ذات يوم فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت. قلت: لم؟ قال: قالوا طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق، فما نمت حتى أصبحت (3) وهكذا رواه ابن أبي حاتم (4) ، عن أبيه، عن ابن عمر، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي يزيد، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن ابن عباس فذكره. وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن. وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين أجمعين، مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما، التي أوردناها مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة، مع أنه ظاهر القرآن.
قال الله تعالى: { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } أي: بين واضح يراه كل أحد. وعلى ما فسر به ابن مسعود، رضي الله عنه: إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد. وهكذا قوله: { يَغْشَى النَّاسَ } أي: يتغشاهم ويَعُمهم (5) ، ولو كان أمرا خياليًّا يخص أهل مكة المشركين لما
__________
(1) تفسير الطبري (25/68) والمعجم الكبير (3/292) وقول الحافظ ابن كثير هنا: "هذا إسناد جيد" متعقب فإن لهذه النسخة ثلاث علل:
الأولى: محمد بن إسماعيل بن عياش قال أبو حاتم: "لم يسمع من أبيه شيئا، حملوه على أن يحدث فحدث".
الثانية: ضمضم بن زرعة، ضعفه أبو حاتم ووثقه ابن معين ومحمد بن إسماعيل بن عياش قال أبو داود: "لم يكن بذاك".
الثالثة: شريح بن عبيد، قد كلم في سماعه من أبي مالك الأشعري قال أبو حاتم: "شريح بن عبيد، عن أبي مالك الأشعري مرسل".
(2) في ت: "وروى ابن أبي حاتم بإسناده".
(3) تفسير الطبري (25/68).
(4) في ت: "ورواه ابن جرير هكذا"، وفي أ: "وهكذا رواه ابن جرير".
(5) في أ: "ويغمهم".

(7/249)


قيل فيه: { يَغْشَى النَّاسَ }
وقوله: { هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: يقال لهم ذلك تقريعًا وتوبيخًا، كقوله تعالى: { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } [ الطور: 13 ، 14]، أو يقول بعضهم لبعض ذلك.
وقوله: { رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ } أي: يقول الكافرون إذا عاينوا عذاب الله وعقابه سائلين رفعه وكشفه عنهم، كقوله: { وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } [ الأنعام: 27 ]. وكذا قوله: { وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ } [ إبراهيم: 44 ]، وهكذا قال هاهنا: { أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ }
يقول: كيف لهم بالتذكر، وقد أرسلنا إليهم رسولا بين الرسالة والنذارة، ومع هذا تولوا عنه وما وافقوه، بل كذبوه وقالوا: معلم مجنون. وهذا كقوله تعالى: { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } [ الفجر: 23 ، 24]، وقوله (1) تعالى: { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ . وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ . وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ } [ سبأ: 51 -54 ] .
وقوله: { إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ } (2) يحتمل معنيين:
أحدهما: أنه يقوله (3) تعالى: ولو كشفنا عنكم العذاب ورجعناكم إلى الدار الدنيا، لعدتم إلى ما كنتم فيه من الكفر والتكذيب، كقوله: { وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [ المؤمنون: 75 ]، وكقوله: { وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [ الأنعام: 28] .
والثاني: أن يكون المراد: إنا مؤخرو العذاب عنكم قليلا بعد انعقاد أسبابه (4) ووصوله إليكم، وأنتم مستمرون فيما أنتم فيه من الطغيان والضلال، ولا يلزم من الكشف عنهم أن يكون باشرهم، كقوله تعالى: { إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ } [ يونس: 98 ]، ولم يكن العذاب باشرهم، واتصل بهم بل كان قد انعقد سببه [ووصوله] (5) عليهم، ولا يلزم أيضًا أن يكونوا قد أقلعوا عن كفرهم ثم عادوا إليه، قال الله تعالى إخبارًا عن شعيب أنه قال لقومه حين قالوا: { لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّه مِنْهَا } [ الأعراف: 88 ، 89 ]، وشعيب [عليه السلام] (6) لم يكن قط على ملتهم وطريقتهم.
وقال قتادة: { إِنَّكُمْ عَائِدُونَ } إلى عذاب الله.
__________
(1) في ت، م: "وكقوله".
(2) في ت: "كاشف".
(3) في أ: "يقول".
(4) في ت، م، أ: "سببه".
(5) زيادة من ت، أ.
(6) زيادة من ت، م، أ.

(7/250)


وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18)

وقوله تعالى: { يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ } فسر ذلك ابن مسعود بيوم بدر. وهذا قول جماعة ممن وافق ابن مسعود على تفسيره الدخان بما تقدم، وروي أيضًا عن ابن عباس [وجماعة] (1) من رواية العوفي، عنه. وعن أبي بن كعب وجماعة، وهو محتمل.
والظاهر أن ذلك يوم القيامة، وإن كان يوم بدر يوم بطشة أيضًا.
قال (2) ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة قال: قال ابن عباس: قال ابن مسعود: البطشة الكبرى: يوم بدر، وأنا أقول: هي يوم القيامة (3) .
وهذا إسناد صحيح عنه، وبه يقول الحسن البصري، وعكرمة في أصح الروايتين (4) ، عنه.
{ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) }
__________
(1) زيادة من ت.
(2) في ت: "وروى".
(3) تفسير الطبري (25/70).
(4) في ت: "القولين".

-------------------

 وهنا بحث عن الدخان من موسوع الدكتور الكحيل 


الإعجاز في الكون

بحث رائع: الدخان الكوني

حقائق جديدة يكشفها لنا العلماء حول الدخان الكوني تأتي لتشهد على صدق هذا القرآن، وأن الكلمة التي اختارها القرآن للتعبير عن بداية خلق الكون دقيقة علمياً،….

في هذا البحث تتجلى أمامنا معجزة حقيقية في كلمة واحدة هي كلمة (دُخان) الواردة في القرآن الكريم أثناء الحديث عن بداية خلق الكون. وعلى الرغم من اعتراض المشككين على هذه الكلمة بحجة أن العلماء يسمون السحب الكثيفة المنتشرة بين النجوم يسمونها بالغبار، وهذا هو المصطلح العلمي، إلا أن القرآن يثبت يوماً بعد يوم صدق كلماته ودقة تعابيره، وهذا ما سنراه رؤية يقينية بالصور الحقيقية بالمجهر الإلكتروني.

صورة لما كان يعتقده العلماء غباراً كونياً، هذه السحابة تمتد لبلايين الكيلو مترات، ولكن ماذا تبين حديثاً؟ وهل كلمة (غبار كوني) دقيقة علمياً؟ ولماذا لم يستخدم القرآن كلمة (غبار)، بل استخدم كلمة (دخان)؟

يقول تبارك وتعالى في كتابه المجيد متحدثاً عن بداية خلق هذا الكون، وكيف أن السماء كانت في بداية خلقها دخاناً، وأن الله تعالى فصل بين هذه السماوات إلى سبع سماوات، يقول تبارك وتعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ، فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت: 11-12]. هذا النص القرآني العظيم فيه عدة معجزات علمية لم تتجلى إلا حديثاً جداً.

فطالما نظر العلماء إلى الكون على أنه مليء بالغبار الكوني، وكانوا كلما اكتشفوا سحابة يقولون إن هذه السحابة أو هذه الغيمة تتألف من ذرات الغبار. ولكن بعدما تطورت معرفتهم بالكون واستطاعوا إحضار هذه الجزيئات التي كانوا يسمونها غباراً كونياً جاؤوا بها إلى الأرض وأخضعوها للتحليل المخبري، فماذا كانت النتيجة؟

صورة لسحابة كثيفة من الدخان وقد كشفت لنا هذه السحابة الدخانية المظلمة النجوم القريبة منه، والتي تعمل مثل المصابيح التي تكشف الطريق أمام العلماء. وسبحان الله حتى هذه النجوم سخرها الله لنا لنرى بها الدخان الكوني ونستيقن بصدق هذا القرآن، وهنا ندرك ونفهم أكثر معنى قوله تعالى: (وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: 54].

طائرة مجهزة بوسائل اختبار من أجل التقاط ذرات الغبار الكوني من حدود الغلاف الجوي والقادمة مع النيازك الصغيرة جداً، من أجل تحليلها في مختبرات وكالة ناسا. تأملوا معي كيف سخَّر الله لنا نحن البشر هذه الوسائل لنتعرف على بداية الخلق، ولكن للأسف القرآن يوجه النداء لنا نحن المسلمين (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ)، ولكن الذي يستجيب له هم من غير المسلمين!!

يقول العالم الذي أشرف على هذا التحليل في مختبرات وكالة الفضاء الأمريكية ناسا:

“إن هذه الجزيئات التي كنا نسميها غباراً كونياً لا تشبه الغبار أبداً، وإذا أردنا أن نصف بدقة فائقة هذه الجزيئات فإن أفضل كلمة هي كلمة (دخان) وباللغة الإنكليزية تعني Smoke “.

صورة لمختبر تحليل الغبار الكوني The cosmic dust laboratory at the Johnson Space Center ويظهر العلماء الذين التقطوا ذرات من الغبار الكوني وأجروا تحليلاً دقيقاً له، وهذا الغبار التقطته إحدى مراكب الفضاء، وتبين بما لا يقبل أدنى شك أن ما كانوا يظنونه غباراً لا علاقة له بالغبار وأن هذه التسمية خاطئة، وأن أفضل كلمة يمكن أن نعبر عن هذه الذرات هي (دخان)!

جهاز التحليل لذرات الغبار الكوني في مختبرات جامعة واشنطن، وهو أول جهاز في العالم يتم تصميمه لدراسة الكون داخل المختبر بدلاً من المناظير. وقد أثبت هذا الجهاز الطبيعة الدخانية للسحب الغازية والغبارية المنتشرة في الكون.

والعجيب أن هذه الكلمة (Smoke) يضعونها بين قوسين، لأنها كلمة جديدة عليهم ولكنها ليست بجديدة على كتاب الله تبارك وتعالى، كتاب العجائب الذي حدثنا عن هذا الأمر قبل أربعة عشر قرناً. ولذلك فإن الله تبارك وتعالى عندما حدثنا عن هذا الأمر حدثنا بكلمة دقيقة وهي الكلمة ذاتها التي يستخدمها العلماء اليوم للتعبير عن حقيقة هذا الدخان الكوني.

ويقول العلماء اليوم بالحرف الواحد:

إن انفجار السوبر نوفا (انفجار النجوم) والتي تبث كميات كبيرة من الدخان، تعطينا حلاً لسر من اسرار الكون ألا وهو وجود كميات ضخمة من الدخان الكوني في بدايات نشوء الكون.

إذاً العلماء يؤكدون أن الكون في بداياته كان مليئاً بالدخان!! أليس هذا ما يقوله القرآن في قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ )؟!

من الحقائق الهامة في علم الفلك اليوم أن الدخان الكوني ينتشر بكميات هائلة في الكون، وهو يحجب الضوء الصادر عن معظم النجوم. هذا الدخان يغطي سطح الكواكب، ويمكن لسحب الدخان العملاقة أن تشكل النجوم والمجرات، إذاً الدخان هو أساس مهم في بناء الكون. ويؤكد العلماء أن هذا الدخان موجود منذ بدايات خلق الكون.

طالما تحدث علماء الغرب عن “سحب من الغبار” منتشرة في هذا الكون الواسع، ولكنهم أخيراً بدأوا يعترفون أن هذه التسمية ليست دقيقة علمياً، بل إن كلمة “دخان” هي الأدق، ولذلك يقولون بعدما اكتشفوا الدخان المنبعث من انفجارات النجوم Smoking Supernovae :

“إن الغبار الكوني هو عبارة عن جزيئات دقيقة من المادة الصلبة تسبح في الفضاء بين النجوم. إنها ليست مثل الغبار الذي نراه في المنازل، بل شديدة الشبه بدخان السيجارة. إن وجود هذا الدخان الكوني حول النجوم الناشئة يساعدها على التشكل، كذلك الدخان الكوني هو حجر البناء للكواكب”.

والآن لنتأمل بعض الصور الحقيقية لجزيئات الدخان الكوني، سواء التي التقطتها عدسات مرصد هابل الفضائي، أو التي خضعت للتحليل المباشر تحت المجهر الإلكتروني.

جزيئة دخان كوني كما تبدو من خلال المجهر الإلكتروني، ونلاحظ أنها تتألف من عدد كبير من الجزيئات الصغيرة، وهذه الجزيئة تشبه إلى حد كبير جزيئات دخان السيجارة. وقد التقطت على سطح أحد النيازك الساقطة على الأرض. وهي أول صورة لجزيئات الغبار الكوني وتبين أن قطرها بحدود 3 مايكرو متر (وقد تصل إلى 50 مايكرو متر)، وأنها تتركب بشكل أساسي من الكربون والسيلكون وهما المركبان الأساسيان للدخان الذي نعرفه.

هذا الدخان نتج عن انفجارات النجوم، وقد يكون نتج عن الانفجار الكوني الكبير في بداية الخلق، ويؤكد العلماء أن حجم السحب الدخانية قد يكون أكبر من حجم النجوم في الكون! وهي تسبح بشكل دائم، وهناك احتمال كبير أن يقترب هذا الدخان الكوني من رؤوسنا!!

أي أن العلماء لا يستبعدون أن تقترب منا سحابة دخانية تظلُّ الأرض بل وتخترق الغلاف الجوي! والعجيب أن القرآن قد أخبر عن حدوث هذا الأمر وهو من علامات الساعة، وأن الله سيكشف هذا الدخان ويمهل الناس لأن الناس وقتها سيلجأون إلى الله تعالى، يقول تعالى: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ) [الدخان: 10-15].

صورة تمثل انفجار أحد النجوم في مجرتنا، هذا الانفجار يبث كميات هائلة من الدخان الكوني التي تُقذف بعيداً عن النجم، طبعاً هذه الصورة التقطت بواسطة الأشعة تحت الحمراء، لأن هذا الدخان لا يُرى بسبب بعده عنا. الدخان الصادر عن الانفجارات النجمية ينتشر بكميات هائلة في الكون من حولنا.

أحبتي في الله! لقد تقصَّدتُ وضع كمية من الصور وعدد من أقوال العلماء بحرفيتها في هذا البحث لتكون الحقائق التي نقدمها يقينية لا تقبل الجدل، ولو سألنا اليوم أي عالم في وكالة ناسا أيهما تفضل أن تطلق على هذه السحب الكونية: غبار أو دخان، سيقول على الفور إن كلمة “دخان” هي التي تعبر تعبيراً دقيقاً عن حقيقة هذه السحب، وسؤالنا لأولئك المشككين: أليس هذا ما فعله القرآن عندما أطلق كلمة (دخان) قبل علماء وكالة ناسا بأربعة عشر قرناً؟؟!

بقلم عبد الدائم الكحيل

============================

ومن الالوكة من علامات الساعة وأشراطها العظمى: ظهور دُخَان قبل قيام الساعة، وسنقتصر في الكلام على هذه العلامة على ما صح من الأدلة، وتتضمن المسائلَ التالية:
المسألة الأولى: الأدلة من الكتاب والسنَّة:
قال تعالى: ﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ﴾ [الدخان: 10 - 13].
أما الأدلة من السنَّة على هذا الأمر، فهي كثيرة:
منها حديث حُذَيفة بن أَسِيد الغفاريِّ المتقدم، قال: اطلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر الساعة، فقال: ((ما تذاكرون؟))، قلنا: نذكر الساعة، قال: ((إنها لن تقوم حتى ترَوْا قبلها عَشْرَ آيات، فذكر الدُّخَان، والدجال، والدابة...)) الحديث.
ومنها حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بادِروا بالأعمال ستًّا: طلوع الشمس من مغربها، أو الدُّخَان، أو الدَّجال...))؛ الحديث.
ذهب كثير من العلماء - سلفًا وخلفًا - إلى أن الدُّخَان مِن الآيات المنتظرة، التي لم تأت بعدُ، وسيقع قرب يوم القيامة، وإلى هذا ذهب عليُّ بن أبي طالب، وابن عباس، وأبو سعيد الخدريِّ، رضي الله عنهم، وغيرهم، وكثير من التابعين.
وقد رجَّح الحافظ ابن كثير - رحمه الله - هذا، مستدلاًّ بالأحاديث التي سبق ذِكرها عند الاستدلال على هذه الآية (آية الدُّخَان)، وبغيرها من الأحاديث، وأيضًا بما أخرجه ابن جرير وغيره عن عبدالله بن أبي مُلَيْكة قال: غدوتُ على ابن عباس رضي الله عنهما ذات يوم فقال: (ما نمتُ البارحة حتى أصبحت، قلت: لِم؟ قال: قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيتُ أن يكون الدُّخَانُ قد طرق، فما نمتُ حتى أصبحتُ).
قال ابن كثير - رحمه الله - بعد ذِكره لهذا الأثر: (وهذا إسناد صحيحٌ إلى ابن عباس رضي الله عنهما، حَبْر وتَرجمان القرآن، وهكذا قولُ مَن وافقه من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرها التي أوردوها، مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة، مع أنه ظاهر القرآن؛ قال الله - تبارك وتعالى -: ﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ﴾ [الدخان: 10]؛ أي: بيِّنٍ واضح، يراه كل أحد، وعلى ما فسر به ابن مسعود رضي الله عنه إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجَهد، وهكذا قوله تعالى: ﴿ يَغْشَى النَّاسَ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾؛ أي: يقال لهم ذلك تقريعًا وتوبيخًا).
قال القرطبي - رحمه الله -: قال مجاهد: كان ابن مسعود يقول: (هما دخانانِ، قد مضى أحدهما، والذي بقي يملأ ما بين السماء والأرض، ولا يجد المؤمن إلا كالزكمة، وأما الكافر، فتثقب مسامعه).
وقال الإمام ابن جرير الطبري - رحمه الله -: (وبعد، فإنه غيرُ منكَر أن يكون أحَلَّ بالكفار الذين توعدهم بهذا الوعيد ما توعدهم، ويكون مُحِلاًّ فيما يُستأنف بعدُ بآخرين دخانًا على ما جاءت به الأخبارُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا كذلك؛ لأن الأخبارَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قد تظاهَرَت بأن ذلك كائنٌ؛ فإنه قد كان ما روى عنه عبدالله بن مسعود، فكِلا الخبرين اللذين رُوِيا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحٌ).
وقال النوويُّ - رحمه الله تعالى -: ويحتمل أنهما دخانانِ؛ للجمعِ بين هذه الآثار.
ولا شك أن الجمع هو أفضلُ الطرق، ولا منافاة بين الرأيين حينئذٍ، والله تعالى أعلم، ورد العلم إليه أسلمُ.
وعن زينبَ بنت جحش رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يومًا فزِعًا، محمَرًّا وجهُه، يقول: ((لا إله إلا الله، ويل للعرب من شرٍّ قد اقترب، فُتِح اليوم من رَدْمِ يأجوج ومأجوج مِثلُ هذه!))، وحلَّق بإصبَعيه: الإبهامِ والتي تليها، قالت: فقلت: يا رسول الله، أنهلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: ((نَعَم، إذا كثُر الخَبَثُ))؛ رواه البخاريُّ.
وعنها أيضًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزِعًا يقول: ((لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترَب، فُتِح اليوم من ردم يأجوجَ ومأجوج مِثْل هذه!))، وحلَّق بأصبعه: الإبهام والتي تليها، فقالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله، أنهلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: ((نعم، إذا كثُرَ الخَبَثُ))؛ هذه رواية البخاري ومسلم.
وفي رواية التِّرمذيِّ قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من النوم محمرًّا وجهُه، يقول: ((لا إله إلا الله...))، وذكر نحوه، وفيه: (وعقَد عَشْرًا).
عن عِمرانَ بن حُصَين رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحج: 1] إلى قوله: ﴿ وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 2]، قال: أنزلت عليه هذه الآية وهو في سفرٍ، فقال: ((أتدرون أيُّ يوم ذاك؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذلك يوم يقول الله لآدم: ابعَثْ بَعْثَ النار، قال: يا رب، وما بعث النار؟ قال: تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار، وواحد إلى الجنة، فأنشأ المسلمون يبكون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قاربوا وسدِّدوا؛ فإنه لم تكن نبوة قط إلا كان بين يديها جاهليَّةٌ، فتؤخذ العدَّة من الجاهلية، فإن تمت وإلا كملت من المنافقين، وما مَثَلكم ومَثَل الأمم إلا كمَثَل الرَّقمة في ذراع الدابة، أو كالشَّامَة في جَنْب البعير، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة))، فكبَّروا، ثم قال: ((إني لأرجو أن تكونوا ثُلث أهل الجنة))، فكبَّروا، ثم قال: ((إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة))، فكبَّروا، قال: ولا أدري أقال الثُّلثين، أم لا؟
وفي رواية قال: كنا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سفر، فتفاوت أصحابه في السير، فرفع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صوته بهاتين الآيتين: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ إلى قوله: ﴿ وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1، 2]، فلمَّا سمع ذلك أصحابُه حثُّوا المطي، وعرفوا أنه عند قول يقوله، فقال: ((أتدرون أي يوم ذلك؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذلك يوم ينادي الله فيه آدم، فيناديه ربه، فيقول: يا آدم، ابعث بعث النار، فيقول: أي رب، وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار، وواحد إلى الجنة))، فيئس القوم حتى ما أبدوا بضاحكة، فلما رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الذي بأصحابه، قال: ((اعملوا وأبشِروا، فوالذي نفس محمد بيده، إنكم لمع خليقتين، ما كانتا مع شيء إلا كثَّرتاه: يأجوج ومأجوج، ومن مات من بني آدم، ومن بني إبليس))، فسُرِّي عن القوم بعض الذي يجدون، قال: ((اعملوا وأبشِروا، فوالذي نفس محمد بيده، ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جَنْب البعير، أو كالرَّقمة في ذراع الدابة))؛ أخرجه الترمذي.
عن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله - عز وجل - يوم القيامة: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك - زاد في رواية: والخيرُ في يديك - فينادى بصوت: إن الله يأمرك أن تُخرج من ذريتك بعثًا إلى النار، قال: يا رب، وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، فحينئذٍ تضع الحامل حملَها، ويشيب الوليد، ﴿ وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 2]))، فشقَّ ذلك على الناس، حتى تغيَّرت وجوهُهم.
زاد بعض الرواة: قالوا: يا رسول الله، أينا ذلك الرجل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مِن يأجوج ومأجوج تسعُمائة وتسعة وتسعون، ومنكم واحد، ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض، أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود)).
وفي رواية: ((أو كالرقمة في ذراع الحمار، وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة))، فكبَّرنا، ثم قال: ((ثلث أهل الجنة))، فكبَّرنا، ثم قال: ((شطر أهل الجنة، فكبَّرنا))؛ أخرجه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري.
وعن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَيُحَجَّنَّ هذا البيت، ولَيُعتَمَرَنَّ بعد خروج يأجوج ومأجوج))، قال البخاري: قال عبدالرحمن بن مهدي عن شُعبةَ: ((لا تقوم الساعة حتى لا يُحَجَّ البيت))، قال البخاري: والأول أكثرُ.
عن النَّوَّاس بن سمعان رضي الله عنه: قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدَّجَّال ذاتَ غداة، فخفَّض فيه ورفَّع، حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رُحنا إليه، عرَف ذلك فينا، فقال: ((ما شأنكم؟))، قلنا: يا رسول الله، ذكرتَ الدجال الغداة، فخفضت فيه ورفعت، حتى ظنناه في طائفة النخل، فقال: ((غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرُجْ وأنا فيكم فأنا حجيجُه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيجُ نفسه، واللهُ خليفتي على كل مسلم، إنه شاب قطط، عينه طافئة، كأني أشبهه بـ: عبدالعزَّى بن قَطَن، فمن أدركه منكم فليقرَأْ عليه فواتح سورة الكهف، إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينًا، وعاث شِمالاً، يا عباد الله، فاثبُتوا))، قلنا: يا رسول الله، وما لَبْثُه في الأرض؟ قال: ((أربعون يومًا؛ يوم كسَنةٍ، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم))، قلنا: يا رسول الله، فذاك اليوم الذي كسَنة، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: ((لا، اقدروا له قدره))، قلنا: يا رسول الله، وما إسراعُه في الأرض؟ قال: ((كالغيث استدبَرَتْه الريح، فيأتي على القوم، فيَدْعوهم فيؤمنون به، ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فترُوح عليهم سارحتهم أطولَ ما كانت درًّا، وأسبغه ضروعًا، وأمدَّه خواصرَ، ثم يأتي القوم فيَدْعوهم، فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحِلين، ليس بأيديهم شيءٌ من أموالهم، ويمر بالخربة، فيقول لها: أخرِجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئًا شبابًا، فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يَدْعوه فيُقبِل، ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيحَ ابن مريم عليه السلام، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين، واضعًا كفيه على أجنحة ملَكين، إذا طأطأ رأسه قطَر، وإذا رفعه تحدَّر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحلُّ لكافر يجد ريح نفَسِه إلا مات، ونفَسُه ينتهي حيث ينتهي طرْفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لُدٍّ، فيقتله، ثم يأتي عيسى ابنَ مريم قومٌ قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله - عز وجل - إلى عيسى ابن مريم: إني قد أخرجتُ عبادًا لي، لا يدانِ لأحدٍ بقتالهم، فحرِّزْ عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوجَ ومأجوج، وهم من كل حدَبٍ ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبَريَّة، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم، فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، ويُحصَر نبيُّ الله عيسى عليه السلام وأصحابُه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرًا من مائة دينار، فيرغب نبي الله عيسى عليه السلام وأصحابه، فيرسل الله عليهم النَّغَفَ في رقابهم، فيصبحون فَرْسَى، كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبيُّ الله عيسى عليه السلام وأصحابه إلى الأرض، فلا يجِدون في الأرض موضعَ شبر إلا ملأه زهَمُهم ونتْنُهم، فيرغب نبيُّ الله عيسى وأصحابُه إلى الله، فيرسل الله طيرًا كأعناق البُختِ، فتحملهم فتطرحهم حيثما شاء الله، ثم يرسل الله مطرًا لا يكنُّ منه بيت مَدَرٍ ولا وَبَر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزَّلَفة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، ورُدِّي بركتك، فيومئذٍ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلُّون بقَحفها، ويبارك في الرِّسل، حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئامَ من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلةَ من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخِذَ من الناس، فبينما هم كذلك، إذ بعث الله ريحًا طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبِضُ رُوحَ كلِّ مؤمن ومسلِم، ويبقى شرار الناس، يتهارجون فيها تهارُجَ الحُمُر، فعليهم تقوم الساعة)).
وفي رواية نحوه، وزاد بعد قوله: ((لقد كان بهذه مرة ماء)): ((ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا مَن في الأرض، هلُمَّ فلنقتُلْ مَن في السماء، فيرمون بنُشَّابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دمًا))؛ أخرجه مسلم.
وأخرجه الترمذي، وزاد في أوله بعد قوله: ((في طائفة النخل))، قال: (فانصرَفْنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رُحْنا إليه)، وقال فيه: ((عينه قائمة)) بدل: ((طافئة))، ولم يقل: ((خلة)).
وقال: ((فيأتي القومَ فيَدْعوهم، فيكذِّبونه، ويردُّون عليه قوله، فينصرف عنهم، فتتبعه أموالهم، ويُصبِحون ليس بأيديهم شيء، ثم يأتي القوم فيَدْعوهم، فيستجيبون له، ويصدِّقونه، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، فترُوح عليهم سارحتهم كأطول ما كانت درًّا، وأمدِّه خواصرَ، وأدرِّه ضروعًا، ثم يأتي الخربة، فيقول لها: أخرجي كنوزك، فينصرف عنها، فتتبعه كيَعَاسيب النحل...))، وذكر الحديث بنحو ما سبق إلى قوله: ((لقد كان بهذه مرة ماء)).
وقال: ((ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلْنا مَن في الأرض، فهلمَّ فلنقتل مَن في السماء، فيرمون بنشَّابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم محمرًّا دمًا، ويحاصر عيسى ابن مريم وأصحابه، حتى يكون رأس الثور يومئذٍ خيرًا لهم من مائة دينار لأحدكم اليوم...))، وذكر الحديث.
وقال: ((قد ملأته زهمتهم ونتنهم ودماؤهم، قال: فيرغب عيسى إلى الله وأصحابُه، فيرسل الله عليهم طيرًا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم بالمهبل، ويستوقد المسلمون من قسيهم ونشابهم وجعابهم سبع سنين، ويرسل الله عليهم مطرًا لا يكنُّ منه بيت وَبَر ولا مَدَر، فيغسل الأرض فيتركها كالزلفة، قال: ثم يقال للأرض: أخرجي ثمرتك، ورُدِّي بركتك، فيومئذٍ تأكل العصابة الرُّمانة، ويستظلُّون بقحفها، ويبارك في الرِّسل، حتى إن الفئام من الناس ليكتفون باللِّقحة من الإبل، وإن القبيلة ليكتفون باللقحة من البقر، وإن الفخذ ليكتفون باللقحة من الغنم، فبينما هم كذلك، إذ بعث الله عليهم ريحًا، فقبضت رُوح كل مؤمن، ويبقى سائر الناس يتهارجون كما يتهارج الحُمُر، فعليهم تقوم الساعة)).
وأخرجه أبو داود مختصَرًا، قال: ذكَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الدجال، فقال: ((إن يخرُجْ وأنا فيكم، فأنا حجيجُه دونكم، وإن يخرُجْ ولست فيكم، فامرؤٌ حجيجُ نفسه، واللهُ خليفتي على كل مسلم، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتحَ سورة الكهف؛ فإنها جوارُكم من فتنته))، قلنا: وما لبثُه في الأرض؟ قال: ((أربعون يومًا؛ يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم))، فقلنا: يا رسول الله، هذا اليوم الذي كسنةٍ، أيكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: ((لا، اقدروا له قدره، ثم ينزل عيسى عند المنارة البيضاء شرقيَّ دِمَشقَ، فيدركه عند باب لُدٍّ، فيقتله)).
قال أبو داود: وحدثنا عيسى بن محمد، قال: حدثنا ضمرة عن الشيباني عن عمرو بن عبدالله، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
=====================

الدخان الكوني   Cosmic smoke

في هذا البحث تتجلى أمامنا معجزة حقيقية في كلمة واحدة هي كلمة ( دُخان ) الواردة في القرآن الكريم أثناء الحديث عن بداية خلق الكون . وعلى الرغم من اعتراض المشككين على هذه الكلمة بحجة أن العلماء يسمون السحب الكثيفة المنتشرة بين النجوم يسمونها بالغبار ، وهذا هو المصطلح العلمي ، إلا أن القرآن يثبت يوماً بعد يوم صدق كلماته ودقة تعابيره ، وهذا ما سنراه رؤية يقينية بالصور الحقيقية بالمجهر الإلكتروني .


يقول تبارك وتعالى في كتابه المجيد متحدثاً عن بداية خلق هذا الكون ، وكيف أن السماء كانت في بداية خلقها دخاناً ، وأن الله تعالى فصل بين هذه السماوات إلى سبع سماوات ، يقول تبارك وتعالى : ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) [ فصلت : 11-12 ] . هذا النص القرآني العظيم فيه عدة معجزات علمية لم تتجلى إلا حديثاً جداً .
 
فطالما نظر العلماء إلى الكون على أنه مليء بالغبار الكوني ، وكانوا كلما اكتشفوا سحابة يقولون إن هذه السحابة أو هذه الغيمة تتألف من ذرات الغبار . ولكن بعدما تطورت معرفتهم بالكون واستطاعوا إحضار هذه الجزيئات التي كانوا يسمونها غباراً كونياً جاؤوا بها إلى الأرض وأخضعوها للتحليل المخبري 


صورة لسحابة كثيفة من الدخان وقد كشفت لنا هذه السحابة الدخانية المظلمة النجوم القريبة منه ، والتي تعمل مثل المصابيح التي تكشف الطريق أمام العلماء . وسبحان الله حتى هذه النجوم سخرها الله لنا لنرى بها الدخان الكوني ونستيقن بصدق هذا القرآن ، وهنا ندرك ونفهم أكثر معنى قوله تعالى : ( وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) [ الأعراف : 54 ] .


طائرة مجهزة بوسائل اختبار من أجل التقاط ذرات الغبار الكوني من حدود الغلاف الجوي والقادمة مع النيازك الصغيرة جداً ، من أجل تحليلها في مختبرات وكالة ناسا . تأملوا معي كيف سخَّر الله لنا نحن البشر هذه الوسائل لنتعرف على بداية الخلق ، ولكن للأسف القرآن يوجه النداء لنا نحن المسلمين ( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ) ، ولكن الذي يستجيب له هم من غير المسلمين !!
يقول العالم الذي أشرف على هذا التحليل في مختبرات وكالة الفضاء الأمريكية ناسا : " إن هذه الجزيئات التي كنا نسميها غباراً كونياً لا تشبه الغبار أبداً ، وإذا أردنا أن نصف بدقة فائقة هذه الجزيئات فإن أفضل كلمة هي كلمة ( دخان ) وباللغة الإنكليزية تعني Smoke" .


صورة لمختبر تحليل الغبار الكوني The cosmic dust laboratory at the Johnson Space Center ويظهر العلماء الذين التقطوا ذرات من الغبار الكوني وأجروا تحليلاً دقيقاً له ، وهذا الغبار التقطته إحدى مراكب الفضاء ، وتبين بما لا يقبل أدنى شك أن ما كانوا يظنونه غباراً لا علاقة له بالغبار وأن هذه التسمية خاطئة ، وأن أفضل كلمة يمكن أن نعبر عن هذه الذرات هي ( دخان ) !


جهاز التحليل لذرات الغبار الكوني في مختبرات جامعة واشنطن ، وهو أول جهاز في العالم يتم تصميمه لدراسة الكون داخل المختبر بدلاً من المناظير . وقد أثبت هذا الجهاز الطبيعة الدخانية للسحب الغازية والغبارية المنتشرة في الكون .
والعجيب أن هذه الكلمة ( Smoke ) يضعونها بين قوسين ، لأنها كلمة جديدة عليهم ولكنها ليست بجديدة على كتاب الله تبارك وتعالى ، كتاب العجائب الذي حدثنا عن هذا الأمر قبل أربعة عشر قرناً . ولذلك فإن الله تبارك وتعالى عندما حدثنا عن هذا الأمر حدثنا بكلمة دقيقة وهي الكلمة ذاتها التي يستخدمها العلماء اليوم للتعبير عن حقيقة هذا الدخان الكوني .
ويقول العلماء اليوم بالحرف الواحد : إن انفجار السوبر نوفا ( انفجار النجوم ) والتي تبث كميات كبيرة من الدخان ، تعطينا حلاً لسر من اسرار الكون ألا وهو وجود كميات ضخمة من الدخان الكوني في بدايات نشوء الكون . إذاً العلماء يؤكدون أن الكون في بداياته كان مليئاً بالدخان !! أليس هذا ما يقوله القرآن في قوله تعالى ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ  ) ؟!


من الحقائق الهامة في علم الفلك اليوم أن الدخان الكوني ينتشر بكميات هائلة في الكون ، وهو يحجب الضوء الصادر عن معظم النجوم . هذا الدخان يغطي سطح الكواكب ، ويمكن لسحب الدخان العملاقة أن تشكل النجوم والمجرات ، إذاً الدخان هو أساس مهم في بناء الكون . ويؤكد العلماء أن هذا الدخان موجود منذ بدايات خلق الكون .
طالما تحدث علماء الغرب عن " سحب من الغبار " منتشرة في هذا الكون الواسع ، ولكنهم أخيراً بدأوا يعترفون أن هذه التسمية ليست دقيقة علمياً ، بل إن كلمة " دخان " هي الأدق ، ولذلك يقولون بعدما اكتشفوا الدخان المنبعث من انفجارات النجوم Smoking Supernovae : " إن الغبار الكوني هو عبارة عن جزيئات دقيقة من المادة الصلبة تسبح في الفضاء بين النجوم . إنها ليست مثل الغبار الذي نراه في المنازل ، بل شديدة الشبه بدخان السيجارة . إن وجود هذا الدخان الكوني حول النجوم الناشئة يساعدها على التشكل ، كذلك الدخان الكوني هو حجر البناء للكواكب " .
والآن لنتأمل بعض الصور الحقيقية لجزيئات الدخان الكوني ، سواء التي التقطتها عدسات مرصد هابل الفضائي ، أو التي خضعت للتحليل المباشر تحت المجهر الإلكتروني .


جزيئة دخان كوني كما تبدو من خلال المجهر الإلكتروني ، ونلاحظ أنها تتألف من عدد كبير من الجزيئات الصغيرة ، وهذه الجزيئة تشبه إلى حد كبير جزيئات دخان السيجارة . وقد التقطت على سطح أحد النيازك الساقطة على الأرض . وهي أول صورة لجزيئات الغبار الكوني وتبين أن قطرها بحدود 3 مايكرو متر ( وقد تصل إلى 50 مايكرو متر ) ، وأنها تتركب بشكل أساسي من الكربون والسيلكون وهما المركبان الأساسيان للدخان الذي نعرفه .
هذا الدخان نتج عن انفجارات النجوم ، وقد يكون نتج عن الانفجار الكوني الكبير في بداية الخلق ، ويؤكد العلماء أن حجم السحب الدخانية قد يكون أكبر من حجم النجوم في الكون ! وهي تسبح بشكل دائم ، وهناك احتمال كبير أن يقترب هذا الدخان الكوني من رؤوسنا !!


أي أن العلماء لا يستبعدون أن تقترب منا سحابة دخانية تظلُّ الأرض بل وتخترق الغلاف الجوي ! والعجيب أن القرآن قد أخبر عن حدوث هذا الأمر وهو من علامات الساعة ، وأن الله سيكشف هذا الدخان ويمهل الناس لأن الناس وقتها سيلجأون إلى الله تعالى ، يقول تعالى : ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ) [ الدخان : 10-15 ] .
صورة تمثل انفجار أحد النجوم في مجرتنا ، هذا الانفجار يبث كميات هائلة من الدخان الكوني التي تُقذف بعيداً عن النجم ، طبعاً هذه الصورة التقطت بواسطة الأشعة تحت الحمراء ، لأن هذا الدخان لا يُرى بسبب بعده عنا . الدخان الصادر عن الانفجارات النجمية ينتشر بكميات هائلة في الكون من حولنا .

============

 أفضل كلمة لوصف الكون المبكّر هي الدخان

عبد الدائم الكحيل
المقال مترجم الى :

وهذه إحدى المقالات العلمية الحديثة يصرح كاتبها بالحرف الواحد:
"ذرات الغبار الممزوج بالغاز دقيقة، وحجمها يساوي جزء من الميكرون والميكرون هو جزء من ألف من الميليمتر فقط، ولذلك فإن أفضل وصف لها "دخان". وسبحانك يا من أحكمت آيات كتابك العظيم! يحتار العلماء في مصطلحاتهم وتعابيرهم، فتارة يقولون عن الكون البدائي "غاز" ثم تتطور معرفتهم بالكون فيقولون "غبار" ثم بعد ذلك يتضح لهم أن الغبار لا يشبه الغبار الذي نعرفه، ويدركون بعد سنوات طويلة بأن الكلمة الأفضل لوصف حالة الكون في مراحله الأولى هي "دخان" أي smoke ، بينما كتاب الله تعالى أعطانا الكلمة الأنسب منذ 1400 سنة ولم تتغير!


في البداية ظن العلماء أن الكون في مراحله المبكرة كان يحوي الغاز فقط أي غاز الهيدروجين والهيليوم، لذلك أطلقوا عليه كلمة gas. لقد اكتشف العلماء بعد ذلك أن الكون مليء بالغبار، وليس الغاز فقط. لذلك أطلقوا عليه اسم آخر هو الغبار الكوني  cosmic dust . وأخيراً وبعد أن فحص العلماء الغبار الكوزني، تبين أنه لا يشبه الغبار وأن هذه التسمية خاطئة، وأنه يشبه إلى حد كبير الدخان في حجمه وتركيبه، فأطلقوا عليه اسم الدخان smoke .


وهذا الاسم الأخير ثبت لهم يقيناً بعدما استطاعوا أن يحللوا عينات ملتقطة حديثاً من الغبار الكوني، وتبين أنها تعود إلى بلايين السنين وهي تمثل الكون في مراحله الأولى، وهذا يتطابق مئة بالمئة مع قوله تعالى: ﴿ثم استوى إلى السماء وهي دخان﴾، فهل هذه مصادفة مأ معجزة؟!
 

شكل (13) الدخان الكوني كما رآه العلماء حديثاً بأجهزتهم الفلكية المتطورة. هذا الدخان يتكون من جزيئات تشبه إلى حد كبير الدخان الذي نعرفه على الأرض مثل دخان السيجارة، ويقول العلماء إن أفضل كلمة يمكن أن نصف به هذا المشهد هي "دخان" فسبحان الذي سبق هؤلاء العلماء إلى هذا الاسم فقال: ﴿ثم استوى إلى السماء وهي دخان﴾.


 


شكل (14) الكون مليء بالدخان وعندما التقط العلماء ذرات من هذا الدخان وحللوه في مخابرهم صرحوا بأن أفضل كلمة يمكن أن يعبروا بها عن هذه الذرات الكونية هي «دخان»، بما يتطابق مئة بالمئة مع الكلمة القرآنية. وهذا يدل على أن القرآن الكريم قد أعطانا الكلمة الدقيقة مباشرة.

 


لحظة حوار


ونريد أن نسأل أولئك الذين يظنون بأن الإعجاز العلمي هو تحميل للآية معاني لا تحتملها، وإلصاق مفاهيم مصطنعة لا تناسب كلمات القرآن، وأن كتَّاب الإعجاز العلمي يلوون أعناق النص القرآني ليتناسب مع الكشوفات الجديدة، ونقول:
إن كلمة smoke تعني تماماً ﴿دُخَان﴾، وهي الكلمة الدقيقة لوصف حالة الكون البدائي قبل بلايين السنوات، وهذه الكلمة موجودة في القرآن بحرفيتها، أليست هذه معجزة مبهرة لكتاب الله تعالى؟ وهل نحن نحمل الكلمة فوق معناها أم أن هذا هو معناها؟


حتى إن علماء الفضاء ومن على أكبر مواقع الفضاء في العالم يدرسون هذا الغبار الكوني ويقولون بالحرف الواحد:"ذرات الغبار الكوني صغيرة جداً. ولكي نفهم حجمها وقوامها، فإن أفضل طريقة هي أن نقارنها بدخان السيجارة".


إذن جميع العلماء يصرحون بأن كلمة الدخان هي الأفضل لفهم هذا الغبار الكوني، الذي ساد الكون قبل 10 بليون سنة. وهذا الدخان فيه دليل قوي على صدق قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنبياء: 30].


ففي هذه الآية تأكيد من رب العزة سبحانه بأن الكون كله كان نسيجاً محبوكاً بشدة ثم فتقه الله تعالى، وما الدخان الذي يكتشفه العلماء إلا بقايا الانفجار الكوني الكبير وهو من نواتج الفتق الذي حدثنا عنه كتاب الله تعالى قبل أن يكتشفه العماء بأربعة عشر قرناً.

 


ولكن هل هذه حقائق يقينية أم نظريات ؟


نحن يجب ألا ننقاد وراء أي اكتشاف حتى نتأكد من مصداقيته وحقيقته، ولا نقحم في كتاب الله إلا ما ثبُت يقيناً. لذلك قد يسأل سائل: كيف يتأكد العلماء من معلوماتهم، وكيف عرفوا أن هذا الغبار هو في حقيقته دخان؟


وهذا يقودنا لعرض الاكتشاف الذي تم مؤخراً حيث استطاع العلماء التقاط بعض ذرات الدخان الكوني من الفضاء، وتحديداً على حدود كوكب المشتري . وقاموا بتحليله بأجهزتهم ورؤيته وتصويره ومعرفة كل شيء عنه بدقة مذهلة، وهنا لا يمكن لأحد أن ينكر هذه التجارب أبداً.


وجاء في نتيجة التحليل المخبري لهذا الغبار، وبالحرف الواحد:
"حبيبات الغبار بين النجوم والكواكب يتراوح حجمها بين [0.6-1.4]ميكرون، وهي ملتقطة من الغلاف الجوي للمشتري، أو من منطقة التأثير المغناطيسي وفقاً للدراسة. حبيبات كهذه أصغر من قطر شعرة الإنسان وهي بحجم ذرات الدخان".
 

شكل (15) جدار من النجوم والدخان الكوني يبلغ طوله 1500 سنة ضوئية، هذا الجدار يوجد منه الملايين في الكون جميعها تقوم من دون أعمدة، وهذا أحد البنى الكونية التي حدثنا القرآن عنها في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾ [الرعد: 2].

شكل (16) يقول العلماء اليوم بأن النجوم شديدة اللمعان هي أول نجوم تكونت بعد مرحلة الدخان الكوني. وهذا الشكل يمثل ولادة النجوم الأولى من الدخان، والعجيب أن القرآن هو أول كتاب تحدث عن هذا التسلسل الزمني لخلق النجوم من الدخان، يقول تعالى: ﴿ثم استوى إلى السماء وهي دخان﴾ ثم يقول في الآية التالية مباشرة: ﴿وزينا السماء الدنيا بمصابيح﴾.

 

إن الآية الكريمة تتحدث عن مرحلة مبكرة من عمر الكون في بدء الخلق، عندما كان الغاز الحار يملأ الكون، وهذا ما نجده في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ﴾.


لقد عبرت الآية أيضاً عن حقيقة الكون وقتها بكلمة واحدة هي: ﴿دُخَانٌ﴾، وهذه الكلمة تعبر تعبيراً دقيقاً عن حقيقة تلك المرحلة من عمر الكون واختصرت الجمل الكثيرة التي يطلقها العلماء للتعبير عن تلك المرحلة بكلمة واحدة فقط. وهذا إعجاز مذهل للقرآن الكريم في دقة كلماته وتوافقها مع العلم الحديث والحقائق اليقينية.

 

=================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج .7.كتاب : المغازي الواقدي

  ج .7.كتاب : المغازي   الواقدي ………………. قال: فحدثني أبو مروان، عن إسحاق بن عبد الله، عن أبان بن صالح، أن رسول الله صلى الله عليه...